Wednesday, September 10, 2014

علم في المنام - ضياع الأحاديث



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... عنوان هذه المشاركة قد تكون مستفزة للبعض وربما بسببه يتهمونني بأني صوفي, وتعمدت كتابة هذا العنوان لأقول للناس بأن الإنسان قد يفطن لأمر ما من حيث لا يحتسب, ليس فقط من كتب أهل السنة والجماعة, بل قد يجد العلم ويفطن لأمر ما وهو يقرأ كتب اليهود والنصارى, وربما يجد عن طريق مناقشة عوام الناس أو موقف بينه وبين أحد الحمقى وربما يفطن لأمر ما وهو نائم! فمن يحجر رحمة الله ويقول لن تحصل على العلم إلا عن طريق الكتاب الفلاني والطائفة الفلانية فكلامه مردود عليه. طبعا كلامي لا يعني تجاهل الطرق السليمة والمعتبرة في طلب العلم, وإنما أنكر على من ينكر أنه لا يمكن للمرء أن يحصل على العلم من غير مظانه. والعلم كل العلم في القرآن الكريم, ولكن قد يفهم المرء معنى يخص القرآن الكريم وهو يحدث زميله وهكذا. على كل سأذكر لكم ما رأيته في منامي وكيف استفدت علما لم أفكّر فيه من قبل بسبب ما رأيت.

رأيت فيما يرى النائم, وكأني كنت في المسجد الأقصى, وكان الشيخ صلاح الدين أبو عرفة يلقي درسا كعادته كما كان يلقي فيما ما مضى. وفجأة وجدت الناس يضربونه إلا أنه كان يقاوم ويقف ويضربهم كذلك, فيضرب هذا ويضرب ذاك, ولكنه أصيب أيضا. فقررنا أن نأخذ الشيخ صلاح الدين أبو عرفة إلى المستشفى بالسيارة, ولكنه قرر أن يكون هو السائق وكان يقول بأنه يستطيع ذلك ولكني كنت خائفا من وقوع حادث وذلك لأنه لم يكن في وعيه بشكل كامل ولكني في الوقت نفسه كأني احترمته لقوته وعدم استسلامه للضعف.

ثم وجدت نفسي مجددا في المسجد الأقصى, وبما أن الشيخ صلاح الدين أبو عرفة أصيب فلم يستطع أن يلقي الدرس, وكان المفروض أن يقوم أحد مشايخي (وهو في الواقع أيضا من المشايخ الفضلاء في بلادي ومن الذين استفدت منهم) أن يلقي الدرس أو يعلم الناس القرآن إلا أنه لظرف ما لم يأتي. فقرر أخي الذي يصغرني بسنتين أن يدرس الطلبة, فبدأ الطلبة بقراءة آيات من كتاب الله وأخي يفسر الآيات بطريقة المفسرين, ويقول قال الله كذا وكذا, يقصد الله كذا وكذا, فأنكرت على أخي ذلك, وقلت له لا ينبغي لك أن تقول هذا ما يقصده الله أو ذاك, لأنك لا تعرف ذلك حقيقة, قد يقصد الله أمرا غير الذي تقوله, ودعوته عندما يفسر يقول هذا ما فهمته من الآية, و "لعل" هذا هو المقصود من الآية. فلم يعجب أخي انكاري ولكن أحد الطلبة (وهو في الواقع أحد أصدقائي وتلميذ الشيخ الذي لم يحضر) أيضا اتفق معي فعندها قبل أخي ما قلته.

ثم وجدتني مرة أخرى في المسجد الأقصى وكنت مع أخي المذكور, وقد عاد الشيخ صلاح الدين أبو عرفة, و وجد الناس في المسجد في صخب وغضب لما فعلوه به, فالناس يريدون أن ينتقموا من الذين ضربوا الشيخ صلاح الدين أبو عرفة ويقاتلوا, إلا أن الشيخ صلاح الدين أبو عرفة أراد أن يهدئهم, فعلى على منبر المسجد الأقصى وبدأ يحاول تهدئة الناس و وعظهم, و من ثم استشهد بأحاديث منسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم والكل كان يستمع. وبينما هو يخطب في الناس, قلت لأخي الذي كان بجانبي, معظم هذه الأحاديث التي يستشهد بها الشيخ ضعيفة, فقرر أخي أن يخبر الشيخ صلاح الدين أبو عرفة ذلك ليستفزه (وهذا في واقع الأمر من عادة أخي, فهو يحب الاستفزاز أحيانا) فنهيته لكنه فعل. فعندما سمع الشيخ صلاح الدين أبو عرفة ذلك جعلنا عنده عند المنبر ليعطينا محاضرة, فجلب لنا كتبا قديمة ولونها متغير من قدمها, و يقول لأخي الحديث مذكور في هذا الكتاب وهذا و هذا,  إلا أننا لم نقتنع, ولكني في نفسي كنت خائفا من الناس أن يضربوننا, فقلت لأخي كف عن استفزازه فلن يغير رأيه, وفجأة غضب الشيخ صلاح الدين أبو عرفة وجحظت عيناه بسبب انكارنا لما في الكتب وكاد قريبا أن يكفر أخي (أو يكفرنا لا أذكر جيدا), ولكنه تمالك نفسه ولم يكفر, فمسكت بيد أخي وخرجنا قبل أن نسبب فتنة.

شعر أخي بالخوف بسبب كلام الشيخ صلاح الدين أبو عرفة وموقفه منا, إلا أني كنت أقول لأخي, لا عليك, كل هذه الأحاديث ضعيفة, بل أكاد أجزم بأن غالب هذه الأحاديث التي في أيديهم ضعيفة و أعطيه الأدلة. وبينما نحن نمشي خارج المسجد كأن قائلا قال لي: قل له أين تبليغ النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن إذا؟ (للأمانة لا أذكر هل سمعت صوتا يقول لي ذلك, أو ملكا أو شيئا ألهمني فحصلت على هذا العلم فقلته لأخي, لا أذكر ذلك حقيقة وأسأل الله أن يغفر لي إن أخطأت في وصف ما رأيت). قلت لأخي سأعطيك دليلا لم تسمعه من أحد قبلي, فقال لي: ما هو؟ فأجبته بأن هناك أحاديث كثيرة للنبي صلى الله عليه وسلم ضائعة, ولا نكاد نجدها. وقلت له أين هي أحاديث تبليغ النبي صلى الله عليه وسلم القرآن؟ أين تجد حديثا ذكر فيه بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوحي إليه, فقام بين الناس أو بين أصحابه فقرأ سورة البقرة, أو قرأ سورة آل عمران, أو سورة التوبة, أو سورة الرعد؟ أين أحاديث هذه السور؟ لا شك بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كلما كان يوحى إليه كان يبلغه للناس, سواء للمسلمين أو الكفار. والعلماء متفقون بأن القرآن لم ينزل جملة واحدة, وأنه أحيانا تنزل الآية في موقف و تنزل آية أخرى من نفس السورة في موقف آخر, فأين أحاديث تبليغ النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الآيات والسور. في القرآن عندنا 114 سورة, ولكننا لا نجد في ما عندنا من أحاديث إلا البعض مثل سورة الكوثر. وبينما أنا أشرح له انبهر أخي من قوة الدليل, فإنه لم يخطر على باله إلا أنه أجابني فقال: "احذر وإلا سينطبق عليك أحكام المشايخ عليك" فعلمت أن أخي خائف لقوة الدليل الذي جئت به, ولكني سكت لأني علمت بأن عقله لا يستوعبه الآن, و كأني تذكرت: "حدثوا الناس بما يعقلون" وانتهى الحلم.  

قبل الحديث عن العلم, أحب أن أقول بأني لا أعرف ما تفسير ما رأيت, ولكني أحب الشيخ صلاح الدين أبو عرفة في الله حبا عظيما, وإني لأحسبه من الصالحين, ومن علماء المسلمين الناصحين اليوم وأحسبه كذلك ولا أزكي على الله أحدا. كم استفدت من العلم النافع من هذا الشيخ, وكم فتح علي آفاقا في فهم كتاب الله, فجزاه الله خير الجزاء وجزى الله من ينشر علمه بين الناس ويرفع قدرهم. وأسأل الله رب العرش العظيم, أن يبارك في علم الشيخ وعمله وعمره وماله وأهله وذريته. وأن لا يقبضه الله إليه إلا وهو راض عنه.

أما عن العلم الذي قصدته, هو آخر ما رأيته في منامي, أقصد موضوع ضياع السنة وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم, فإنه لا شك بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبلغ كلما يوحى إليه, فأين المسلمون من تدوين هذه الأخبار؟ فإن قال قائل بأن معظم القرآن نزل في الفترة المكية والفترة المكية عدد المسلمون فيها كان قليلا مقارنة بفترة المدينة, أقول له وإن كان ذلك, فلابد أن يبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمون بما أوحي إليه وهذا بين وظاهر ولا يكابر إلا من لم يفهم مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم. وأين هي أخبار كتاب الوحي؟ لماذا لا يذكرون بأن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ عليهم سورة كذا وكذا في مجلس, ثم قرأ كذا وكذا في مجلس آخر؟ أو أمر بكتابة آية كذا من سورة كذا. والحقيقة تأملت هذا الدليل, فوجدته من أقوى الأدلة على ضياع عدد كبير من أخبار النبي صلى الله عليه وسلم إن لم يكن الأقوى. وفي الحقيقة, ربما قال مثل الذي في الحلم رجال قبلي, ولكن بالرغم من كثرة قراءتي لكتب العلماء سواء من السلف أو الخلف إلا أني لم أجدهم يتطرقون إلى مثل الذي ذكرته في الحلم. بل إنه لم يكن في بالي قبل الحلم ولم أفكر به قط.

نعم هناك من تعرض لأمور مشابهة, فقبل هذا الحلم بفترة قرأت في احدى المنتديات, أحدهم ينقل ما كتبه الأستاذ الباحث حسن فرحان المالكي يتساءل أين ذهبت خطب النبي صلى الله عليه وسلم, وقد قال قبله مثل ذلك صاحب أضواء على السنة النبوية وهو محمود أبو رية, وأظن بأني قرأت شيئا مشابها في كتابات الكاتب العراقي علي الوردي. والحقيقة ما ذكروا من ضياع خطب النبي أمر وجيه, فأين هي هذه الخطب, نعم ربما يردون على ذلك بأن خطبة الجمعة فرضت في سنة كذا من الفترة المدنية, وأن بعض الخطب مدونة, وأن أحيانا الناس يتركونه قائما لا يستمعون إليه بسبب اللهو المذكور في القرآن, أو أنه كان يكرر قراءة سورة ق كما في بعض الأحاديث. ولكن استفدت من منامي المذكور هذه الفائدة, أين هي أحاديث تبليغ النبي صلى الله عليه وسلم لآيات القرآن الكريم؟ لماذا لا نجد حديثا يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم مثلا: "قد أوحي إلي فاستمعوا: ((ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ *  وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) " ولماذا لا نجد حديثا فيه: "وقف النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ سورة القارعة" وهكذا... فإن قيل بأنه كان يقرأ ذلك في صلاته, فلماذا لم ينقل ذلك أحد كما فعل البعض؟ أليس الصحابة يأتمرون بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم, ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما تنسبونه إليه: "بلغوا عني ولو آية" ؟ فإما أنهم فعلا بلغوا إلا أن الرواة قصروا! وإما أنهم مُنعوا من التحديث! وإما أنهم لم يبلغوا! وإما أنهم لم يُدونوا! اختاروا ما تشاؤون, لكني أريدكم أن تقرؤوا ما ذكرته مرة ومرتين, فالمرة الأولى قد تُصدمون كما صُدم أخي في منامي, ولكن حاولوا أن تقرؤوا ما كتبت مجددا واستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم وإن شاء الله تفهمون ما أقصده. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

No comments:

Post a Comment